الطائفية اللبنانية.. عقدة متينة غير قابلة للفكفكة!
جميعنا داخل رقعة ميدانية آسيوية، في حُدودٍ شَيَّدَتها إتفاقية “سايكس بيكو ” التي “مترست” مساحة أرضية بلغت 10452 كلم٢، وعُرِّفت بأرض سُمِّيَت “لبنان”، ذاك البلد الذي قَبَعَ بِعُقدَة متينة غير قابلة للحل ولا مناص منها، ألا وهي “الطائفية”؛ تشعُر لوهلة أنها متجذّرة بعروق وهيكلية هذا الشعب، وكأنّها كانت أولى الكلمات التي تهجاها واعتنقها كعقيدة بعدم تقبّل طوائف الغير، وكأنهم من غير مِلَّتِهِم، ولو كانوا في بلدٍ واحد!
والوسائط الناقلة لعبت لعبتها الدنيئة لشتاتِ شعبٍ مسقط رأسهُ موَّحد، ومنها قنوات التلفزة وتطرفها عن العقيدة الوطنية، وإبراز كل ما هو زور، ولا أيٍّ من الديمقراطية وتَقَبُل الآخر، حيث يدّعي البعض حياديته ووحدته الوطنية، ولكن بكلِّ أسى أمورٌ مُبَطَّنة خلف الكواليس تُحاكِ عكس إيمائاتِهم!
تلك ليست أفكار فقط أو غسيلُ أدمغة، بالكاد لا!
إنها تنشئة حُرِثَت داخل الشباب، وأُصقِلَت بهم سلباً على مَدِّ الأجيال، ونشرها بسائر الشوارع وأرصِفة هذا البلد!
تتلذذ تلك القنوات الناقلة في سرد أهازيج ورذائل نحو الطائفة المُعادية، نعم الى هذه الدرجة! يُهِمونَكَ لدرجة أنها مُعادية!
يُفسرون على ما تهوى غريزتهم بتعزيز الفِتَن، والجَمعُ الغَفير عنها جاهِلون؛ لا ننسى المصطلحات المتوارية، بغيتها معروفة بكل إذعانٍ وعلن، والسؤال يبقى:
الى متى تلك النعرات ستبقى؟
الى متى سَيَحشُد الناس صيحتهم على إستئصال تلك التنشِئة التي تتوارث من أجيالٍ وأجيال؟
وإلى متى سيرأف أصحاب تلك القنوات المرئية والمخطوطة بشبابنا الصاعد؟
الى متى سنبقى معصومي الأعيُن عن كل هذا؟
لأقتحم بتوضيحٍ عميق اكثر، كيف نسجت تلك المِنَصّات الإذاعية خيوطاً تغلغلت بين الأسوار التنشيئية للشباب، مدارس مُسَيَّسَة، أفضلية لمن هم يطبلون لمذهبهم ولمنتسباتهم، ومن إختلف معهم عادوه وهجروه بِسُبُلٍ علنية أو خفية مسمومة أكثر!
ويتساءل الجميع عن ما هو العامل الذي شابة فيهم سِمَة الطائفية الى حين عجزهم؟ سيبقى لدينا بصيص أمل ضئيل حول إمكانية العثور على إيجاب واحد فقط!
لكن مع كل للأسف.
ما كانت المنصات تلك حِكراً على نشر الطائفية فقط، بل شُعلة يُسَلِمها كل من له مصلحة في البقاء على منوال هذا النهج، لكنه أمر ظاهر كساه دثار جَلِيّ!
لكل من تَبَرَّم وضجر وسئم من هذا الحال، كما قيل في ما سلف “من شب على شيئ شاب عليه”، الجذور الطيبة مُثمِرة، الأمر نَقيض في لبناننا، جذورٌ سمادها طائفية، فما بالك بالنتيجة!
كمال عزّام